هذا المقال الرائع بقلم الأستاذحمادة الرباطي مدير مؤسسة تعليمية بالمغرب الشقيق
"أطفال"
عندما نريد أن نثني على طفل نقول : أحمد رجل - و كأن الرجل فقط
من يتصرف بشكل لائق. و الغريب أننا نجعل طفلة ذنبها أنها أكبر
اخوتها و أخواتها , تعتني بهم , معتبرين أنها -كبيرة-, الأمر الذي
يفقدها طفولتها سريعا . ثم نعاقبها ان تعرض أحد الصغار لحادث ما.
و ان لاحظنا أن طفلا ما يتصرف و كأنه كبير نصفق له و نتفاخر
به, كأنه لا بد أن يتخلى عن طفولته ليحصل على رضا الكبار.
طفل كهذا ينسى طفولته , لأنه يخشى ان مارسها بعفويتها و
فوضويتها أن يعاقب و يحاسب بشدة.
نحن الكبار , بصراحة , لا نستحق أحيانا أن نكون آباء ان مارسنا
عقدنا على عالم الصغار, فأحيانا يكون الأب أو الأم في حاجة الى
الهدوء, و بالتالي يتعاملان مع الصغير على أنه مصدر ازعاج,
و يطالبانه بالصمت . و بمنتهى الأنانية , نفرح اذا تمكنا من
النوم دون سماع صراخه أو طلباته أو بكائه, بل و نأخذ عليه
أنه مؤذ و مزعج و ملحاح ...و تهم كثيرة يسمعها الطفل و
يكتمها في نفسه, فيكون رد فعله أنه يمارسها فعلا و كأنه
يؤكد لنا أنه كل ما ذكرنا , و لا أمل يرتجى منه.
للطفل استراتيجيته و عالمه و خططه الخاصة به, بل ربما
كانت خطط الطفل أكثر دقة من خطط أي شخص بالغ. و هو
في النهاية انسان له احتياجاته و متطلباته و حقه في الحياة
كما يحب, و كما تفرض عليه مرحلته العمرية.
و أظن أن رجال اليوم لم يعيشوا طفولتهم كما يجب . لذلك
تراهم أطفالا مع زوجاتهم , يمارسون كافة أنواع الفوضى
تحت ادعاء أنهم أطفال كبار.
هنا تكمن المشكلة , فنحن عندما نبالغ في اعتبار الطفل
رجلا , فان طفولته تأتي متأخرة , فتفقد مذاقها و معناها
الجميل العفوي, و يتحول الرجل الى عبء على كاهل
زوجته.