يقول (ماكدوجال): ((إن تجربة الخجل لا يمكنها أن تتم إلا عندما ينشأ لدى المرء إحساس بقيمة ذاته وتولد عنده احترام لهذا الذات))والخجل -بحد ذاته- يكون في مرحلة الطفولة المبكرة2-6سنوات مرتبطاً بالخوف وفي مرحلة الطفولة الوسطى 6-9سنوات حيث يظهر الخوف تجاه الجنس الآخر مما يظهر العداء بدلاً من الخجل وأما في مرحلة الطفولة
المتأخرة 9-21 سنة يأخذ العداء الظاهري في الاختفاء ليحل إحساس بالتقدير الشديد تجاه الجنس الآخر وبالتالي تظهر علامات الذكورة وعلامات الأنوثة.
وللطفل الخجول سمات: حيث يحمل -الطفل الخجول -في طياته نوعاً من ذم سلوكه ولعل السبب يعود إلى الخجل كونه حالة عاطفية أو انفعالية معقدة تنطوي على شعور بالنقص مما ينبه العالم الفرنسي((فيليب زمباردو)) في كتابه ((الولد الخجول)) إلى وجود 21 حالة سلبية لدى الطفل الخجول مما تمنعه من النمو الصحيح أولها إمتناعه عن الناس خاصة الوجوه التي يألفها وهذا عائق ....لذا.... من المتوجب أن يشارك الصغير الآخرين ليصبح اجتماعياً .. لما يتعرض له -الطفل الخجول- ....عند دخوله المدرسة إلى متاعب عديدة تبدأ بالتهتهة وتردده في طرح الأسئلة وإقامة حوار مع زملائه أو المدرسين فلا يحصل على المعلومات التي يرغبها ويتخلى عن حقوقه وينكمش فلا يستطيع التعبير عن مشاعره الحقيقة ... هذا من جانب وعزله عن وفاقه وألعابهم وتجاربهم في حين هو بأمس الحاجة بغية المشاركة التي تساعده على النمو العاطفي والفكري الصحيح من جانب آخر.
وإضافة إلى ماسبق يشعر الطفل الخجول -دوماً -بالنقص ويتسم سلوكه بالجمود والخمول في الوسط المدرسي أو البيئي عموماً وبذلك ينمو محدود الخبرات غير قادر على التكيف السوي مع نفسه أو مع الآخرين وهو ما يسوء بل يؤدي في نهاية الأمر إلى اعتلال صحة الطفل النفسية وأيضاً يبدو الطفل الخجول أنانياً في غالبية التصرفات وحساساً وعصبياً و كثير الحركة قلقاً متشائماً حذراً ومتمرداً وأحياناًمتمارضاً لجذب الانتباه إليه.
وللخجل أسباب : وأهمها أن((الجينات الوراثية )) لها تأثير كبير على خجل الطفل من عدمه وهذا ما يؤكده البروفسور((جيرام كاغان)) ومجموعة من علماء النفس من جامعة ((هارفارد)) وذلك من خلال المتابعة والمراقبة لمئات الأطفال حديثي الولادة وتصوير حركاتهم بكاميرا خاصة لا سيما من تحريك يده بشكل عصبي كمن يطلب النجاة.
وتفيد الدراسات أن ((الجينات)) تنقل الصفات الوراثية من الوالدين إلى الجنين وتؤثر بنسبة (05%)...وإن وجد في الأسرة الواحدة طفل خجول وآخر جريءولكن هذا لا ينفي بالقطع عامل الوراثة ومدى تأثيره في صفة الخجل لأن الطفل يرث بعض ما عند والديه فقط ويدع البعض الآخرو ما قد يدعه الطفل من صفات يرثها أخوه وهذا ما ينطبق على صفة الخجل وبالتالي هذا ما يفسر ظاهرة ((الفروق الفردية)) بين الأخوة ويوجد فيما بينهم من نقاط التبيان والاختلاف.
ويضيف البروفسور((كاغان)): ثمة أطفال حديثي الولادة مصابون بداء الخجل وتصل هذه النسبة إلى 02% مما تحدث لهم أعراض لا يعاني منها الطفل العادي.... ومن جملة الأعراض التي تصيب هؤلاء الأطفال المصابون بداء الخجل كأن يدق القلب أثناء النوم بسرعة أكبر عن مثيله وأن يخيف الطفل كل جديد وهوفي الشهر الرابع ولا ينام نوماً عميقاً أثناء الليل وشديد الانفعال وكثير الشكوى عندما يكبر وينتابه الخوف عندما يواجه موقفاً جديداً وتتسسع حدقتا عينيه ويختنق صوته .
ونتساءل:
((هل تؤثر الظروف الصحية والنفسية للأم وما يحيطها من عوامل بيئية على الجنين?!))
إن أي تغير في كيمياء الدم عند الحمل ينتقل إلى الجنين في رحم أمه ذلك من خلال المشيمة والحبل السري ,لذا ...أكدت الدراسات ,أن العناء الانفعالي الطويل عند الأم أثناء الحمل ,يؤدي إلى ولادة أطفال على مستوى حركي عال , وهذا يعطي مؤشراً للتأثير السيء الذي يحدث للطفل.
ناهيك إلى تأثير الوسط الاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه الفرد من علاقة الطفل بوالديه ونوع المعاملة التي يتلقاها ,وطبيعة علاقته بأخوته ,ونوع التعليم الذي أتيح له ,وطبيعة الخبرات التي تعرض لها ,والنمط الثقافي العام الذي عاش في ظله ,إضافة إلى معتقدات سلبية من قبل الأبوين ,فمثلاً اعتقادهما بالحسد ,مما يعمدان إلى إخفاء أبنهما من أعين الزائرين أو يلبسانه لباس البنات ,وماشابه ذلك ....
وكما تلجأ بعض الأسر إلى تطبيق المعاملة المتميزة للطفل الوحيد ,وفي حين لم يجد مثل هذه المعاملة خارج المنزل ,سواء في الحي أو النادي أو المدرسة ,وهذه تؤدي إلى شعور الطفل بالخجل الشديد فيما إذا قوبلت رغباته بالصد ,وإن عوقب على تصرفاته بالتأنيب والعقاب والتوبيخ .
ويحضرني في هذا الصدد ,بعض أخطاء الأمهات من تعوض الطفل الخجول بأنفسهن فتأخذن دور الأصدقاء ,وتشاركن الطفل الخجول في اللعب ....وفي هذه الحالة بالذات ( حالة قيام الأم بالمساعدة ) يصبح تأكيداً لوضع خاطئ ,والبديل له هو أن تعلمه بعض المهارات وتجعله يشارك بها رفاقه ..وعلى الوالدين تشجيع الطفل على الخروج من دائرة الذات والأنانية بأن يشارك بالحياة الاجتماعية ,واللعب مع من هم في مثل سنه ,والاشتراك بالأندية ...وعلى الأم تعويد الطفل على البشاشة ,لأن الابتسامة ,سلوك مكتسب يتربى عليه الصغير ,أضف أن الوجه المبتسم - دائماً - مقبول أما الوجه العبوس فينضر منه الأطفال المحيطون به.
لذا ..يترتب علينا متابعة تصرفات الطفل بابتسامه هادئة ,والسعي جاهداً بغية تشجيعه على الاستمرار في محاولته إذ فشل مرة سينجح في المرات القادمة ...وإذا شعر الصغير - الطفل إنه غير مندمج مع أصدقائه ,على الأم في هذه الحالة أن تشجع طفلها الصغير ,مع التأكيد على أنه محبوب ,وأن رفاقه الصغار يحبونه, وعليها - أيضاً - احترام قدرات ابنها واستحسانها لمواهبه ..
وتعويد طفلها بالاعتماد على نفسه ,وتمرينه على الأكل بيديه ,ولاسيما استقلاله في ارتداء ملابسه وحذاءه ,والعمل على جعل الصغير يعتمد على ذاته عند الاقتراب من سن المدرسة ,ولاسيما توفير الوسائل التي تجعله يثق بذاته والسعي إلى عدم مراقبته ( محاصرته ) أي عدم فرض قيود تمنع الطفل من التصرف تلقائياً عند اللعب مع رفاقه ,حتى نحصل على طفل سوي لأنه رجل الغد وقائد المستقبل .
( منقول )